Text Box: :Published by

All rights reserved

 

Email: solaris_oneworld@yahoo.com

 

يمكنك الاتصال بنا على عنوان البريد الإلكتروني:

...أقامت الجامعة العربية في أواسط الستينات من هذا القرن منظمة للتحرير وعيّنت رئيساً لها هو المرحوم أحمد الشقيري. وكانت في تلك الأثناء "حركة تحرير فلسطين" (فتح) في بدايات ظهورها ونشاطها. وكنت منذ تلك الأيام على صلة بها. وكان قادتها يجأرون بالشكوى حينذاك من الأنظمة العربية ومن جامعتها. وفي مرة أتاني السيد ياسر عرفات برفقة بعض زملائه وحدّثني بمرارة قائلاً: "إن السيد الشقيري يعاملنا وكأننا مرتزقة فيعرض علينا مثلاً أجراً يتراوح بين الخمسين والمائتي جنيه لكل عملية نقوم بها من أجل استرداد أرض الوطن في فلسطين، وذلك بدلاً من أن يخصّص لفتح نصيباً ثابتاً في الموازنة السنوية لمنظمة التحرير.." !

وأخذ الحديث مجراه وقلت له في النتيجة مشجعاً: "اصبر… فسيأتي اليوم الذي تحلّ فيه محل الشقيري في قيادة المنظمة. وعندئذ عليك أن لاتقع على "دبق" الأنظمة العربية المنخرطة في النظام العالمي الذي أصابنا ويصيبنا بالنكبات، عليك عندئذ أن لا تكرر غلط الثورة العربية عندما "استجارت" بهذه الأنظمة لإنقاذ فلسطين فأضاعت فلسطين".

 ومن البديهي أن لا يستجير الثائر برأس أعدائه، أن لا تستجير الثورة الفلسطينية طليعة الثورة العربية المعاصرة بأميركا. ولكن سلوك الثورة وسياستها عندما لا يهتديان بعقيدة واعية للمسيرة المعاصرة للتاريخ، بعقيدة تبيّن بوضوح حدود الأعداء والأصدقاء وتوضّح الطريق الصحيح إلى الهدف وتلتزم بقوانين الصراع، فإن احتمال وقوعها في شباك الأعداء وارد وكبير. فالبندقية العمياء سلاح سيئ يجلب المآسي ولا يستردّ أي حق. ولكل ثورة ظافرة دين قويم تحرر به أولاً جماهيرها من وثنياتها لتعمل بالتالي هذه الجماهير على التحرّر من أعدائها غاصبي حقوقها وأوطانها.

ولم تنقطع أبداً صلتي بالأشقّاء الثوّار الفلسطينيين. وبقي رأيي على الدوام أن يبتعد هؤلاء الأخوة ما أمكن عن الأنظمة العربية وأن يلتصقوا ما أمكن بجماهير أمتنا ليتقربوا أكثر بصفاتهم من الثوّار الحقيقيين، وأن يتعرفوا جيداً على أعدائهم لاسيما منهم رأسهم المدبّر الذي هو الاحتكارية الرأسمالية الأميركية قائدة النظام الاستعماري العالمي المعاصر...

(النص الكامل)

الفريق عفيف االبزري