الفصل الثاني عشر

الجبهة الوطنية

 

الذي حرر المستعمرات من الاستعمار القديم ليس أميركا

 

أشرنا في الفصل السابق إلى أن اغتيال العقيد عدنان المالكي ما كان نتيجة صراعات شخصية ولا حزبية محلية، وإنما كان في إطار مخطط أميركي لمحاصرة الحركة الوطنية السورية ومنعها من قيادة ثورة التحرر العربي للسير بالأمة العربية نحو توحيد وطنها بعد طرد قدماء المستعمرين منه واجتثاث الصهيونية من فلسطين. كانت الرأسمالية الاحتكارية الأميركية في تلك الأيام منهمكة في بناء الاستعمار الجديد على أنقاض القديم، في خضم الحركة العارمة للتحرر العالمي التي كانت تكتسح هذه الأنقاض. أي أن العالم كان يمر حينذاك بمرحلة ينعدم فيها الجزم والتعيين في هذا الاتجاه أو ذاك وبالتالي كان المستعمرون يجدون أنفسهم في أوقات حرجة فلا الجديد كان قد تم كي يملك القوة اللازمة لتوجيه الأحداث حسب مصالحه ورغباته، ولا القديم الغارب المتشبث عبثاً بالبقاء كان باستطاعته التأثير، وكل هذا أمام الزخم الطاغي لحركة التحرر الجماهيرية في كل أنحاء العالم الذي ما كان يتذكر في تلك الأيام إلا الكوارث التي سببتها له الرأسمالية بحروبها التي ذهبت بأرواح عشرات ملايين البشر وبقهرها الذي خنق الإنسان طوال القرون. وكان لا ينقص إلا الوعي الكامل لأجهزة قيادة طالبي التحرر، لا ينقص سوى رؤية الاستعمار الأميركي على حقيقته وتقدير ما كان يدبره في تلك الأيام واستشعار أخطاره المقبلة واتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنعه من الترعرع والتضخم على حساب سلامة وأمن البشر في الجملة الإنسانية. لقد كان بإمكان حركة وطنية واعية في موقع خطير، كالحركة الوطنية السورية في الموقع الحاسم للقطر السوري، أن توقع هذا الاستعمار الجديد في أزمة قاتلة تسد عليه السبل في منطقتها. وعندما تتضافر جهود سواد البشر ضده في شتى أنحاء العالم فإنه لا بد منتهٍ عند ذلك إلى نهايته. ولكن هذا كان يتطلب بَدْءاً ينبه العالم إلى أخطاره المقبلة وليس السكوت عليه وتجميله لا سيما من قبل حركة وطنية يعتقد الناس بصدقها ويحترمونها.

حاول المستعمرون الأميركان جعل جلسات المحكمة التي نظرت في قضية المالكي سرّية كي لا تطلع الجماهير السورية والعربية والعالمية على الدور المخزي الذي كان لهم في هذه القضية. وما كانت وقاحة ممثليهم المشهورة لتتردد عن إبراز حجج سخيفة لمنع علنية المحاكمة فقالوا مثلاً: "إن في القضية المذكورة مساساً بأميركا وهي دولة عظمى!..". نعم، هذا ما قيل لي كي استجيب لطلب سرّية جلسات المحكمة التي كنت فيها مستشاراً. وكان جوابي: "إن حسن أو سوء سمعة هذه الدولة العظمى يرتبط بسلوكها هي وليس من وظيفتنا نحن إخفاء جرائمها في الوقت الذي نحن فيه الضحية.. إنني أعارض بشدة طلب السرّية وسأنسحب من المحكمة وأعرض الأمر برمّته على الجماهير السورية المدنية والعسكرية عند إقرار هذا الطلب..". وقد جرت جلسات تلك المحكمة علناً وكانت وقائعها تنشر بحذافيرها في الصحف المحلية، كما نقلت وقائعها مباشرة على الهواء ليسمعها القاصي والداني. فكان لسورية ولجماهيرها شرف تعرية  استعمار هذه الدولة وغدرها محلياً وعربياً وعالمياً في تلك الأوقات التي كانت هذه الدولة تتصنع دعم التحرر، ولكن من الاستعمار القديم فقط للوقوع في الجديد الذي كانت تدبره للإنسانية. وكان كثير من بسطاء الناس مخدوعاً حينذاك بالتحرر المزعوم لهذه الدولة، فهي طالما تسللت في الحركات الوطنية تحت هذا القناع، هذه الحركات التي شغلها الاستعمار القديم الغارب ولم تنتبه بشكل كاف إلى الجديد إلا بعد فوات الأوان.

وكانت تربطني بالعقيد المالكي صداقة تعود إلى أيام الكلية العسكرية حيث كان الشهيد متقدمي. وارتبطنا معاً في تنظيم العسكريين العرب الوطنيين في القطعات الخاصة أيام الانتداب الفرنسي، كما التقينا معاً في عدد من المواقع قبل جلاء الأجنبي عن أرض الوطن وبعده. وكنا مدربين لدورتي الاستقلال في الكلية العسكرية، الدورتين اللتين اشتهرتا، مع الدفعات الأخرى المستجدة، في الأحداث التاريخية التي مرت بسورية. وأوفِدْنا إلى باريز، المالكي لدورة الأركان وأنا للدراسة في المعهد الجغرافي الفرنسي، بعد سقوط حسني الزعيم مباشرة، وكان هذا الإيفاد للإبعاد في ظروف التقلبات السياسية حينذاك. وقد اشتركت مع الشهيد منذ أن وصلنا إلى العاصمة الفرنسية بتقديم احتجاج إلى القيادة على ارتفاع تعويضات الموفدين العسكريين وطلبنا إنقاص هذه التعويضات لتتساوى مع تعويضات موفدي الدولة الآخرين للدراسة ولتخفيف أعباء وطننا النامي، الأمر الذي كلفنا توبيخاً شديد اللهجة من قيادتنا أجبنا عليه بنقد ساخر. ثم عاد عدنان إلى أرض الوطن وتابعت أنا دراستي في المعهد المذكور أعلاه وفي كلية العلوم في السوربون. وبعودتي إلى سورية في نهاية دراستي كان عدنان في سجون الشيشكلي بعد تسريحه من الجيش وملاحقته من قبل سلطات هذا الديكتاتور، وقد مرت أخبار هذه الأيام في فصول سابقة من هذه الدراسة.

كان حزني شديداً لاستشهاد هذا الرمز الكبير للحرية والكفاح من أجل تقدم الوطن. وعندما درست إضبارة الدعوى واطلعت على ما فيها من مستمسكات تثبت تورط المخابرات الأميركية في تدبير وارتكاب هذه الجريمة النكراء اتصلت عندي الصور البشعة لجرائم هذه الدولة ضد الإنسانية وضد أمتنا ووجدت فيها شريطاً واحداً طويلاً يطول ويطول: من إبادة الهنود الحمر واغتصاب مرابعهم، إلى أرتال الفلسطينيين الناجين من المذابح على الطرقات المؤدية إلى المخيمات التي نصبت لهم بعيداً عن أرضهم التي احتلها الخزر المتهودون الذين أتوا ليقيموا قاعدة لأميركا في وطننا فلسطين. ومر بخاطري مئات ألوف اليابانيين الذي أبادهم خلال ثوان هؤلاء الوحوش الأميركان بالسلاح النووي في نهاية الحرب العالمية الثانية في الوقت الذي كانت فيه الحكومة اليابانية تعِدّ مذكرة الاستسلام بلا قيد أو شرط، وكانت الحكومة الأميركية على علم أكيد بهذا الأمر ولكنها ارتكبت هذه الفظاعة التي لا ضرورة عسكرية لها سوى أنها أرادت تجريب ذلك السلاح الجديد على البشر وممتلكاته قبل أن تضع الحرب أوزارها ويمتنع هذا الأمر عليها في حالة قيام السلم. وتذكرت أيضاً الجنرال رايلي الأميركي رئيس مراقبي الهدنة الذي تبعني إلى نيويورك عندما ذهبت إليها مرسلاً من حكومة بلدي لتقديم شكوى ضد الكيان الصهيوني الذي قام بعدوان على الأرض المجردة لابتلاعها. وكان بنيّتنا دعوة الدكتور رالف بنش الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لتأدية الشهادة أمام الجمعية العامة في هذه القضية، على اعتبار أنه كان الشاهد المشرف والضامن والمؤهل لتفسير بنود الهدنة بيننا وبين الصهاينة، فأخبرنا هذا الموظف الكبير بأننا محقون ولكنه لا يستطيع أن يشهد لنا بذلك لأنه يُعَرِّضُ سلامته وسلامة عائلته إن فعل. وكان رايلي المذكور قد أتى، كما قلنا، إلى نيويورك لينذر حكومته بالأمر لتضغط على بنش كي يجيبنا بذلك الجواب. واستعرضت بذهني مشاهداتي الشخصية في فرانسة إلى جانب ما سمعته من الفرنسيين عن فظاظة العسكريين الأميركيين تجاه حلفائهم هؤلاء عندما جاءوا لتحريرهم من الألمان إلخ.. وكنت كغيري من مواطنيي السوريين والعرب أعيش ظروف تلك الأيام وأشاهد تصميم جماهيرنا العربية في كل أقطارها في الوقت الذي كنت أرى فيه مع غيري تخاذل أنظمتنا العربية تجاه المستعمرين عموماً وتقصير قياداتنا الوطنية في مقاومة هذا الاستعمار الجديد اللئيم الذي كانت الولايات المتحدة الأميركية منهمكة في بنائه حينذاك. وكنت أرى أن الجبهة الوطنية كانت دوماً قائمة بين الجماهير السورية، وهذا طالما منع وقوع قطرنا السوري فريسة أنظمة ديكتاتورية سافرة ومقنـّعة الأمر الذي يحدث بسبب انقطاع اللحمة الكاملة بين جماهير العسكريين وجماهير المدنيين.

إن أشكال الدولة التي ورثناها عن المستعمرين هي أشكال تنخرط بها شعوبنا في نظامهم العالمي العبودي كتابعة، كمستعمرات جديدة لاستعمار جديد. فالمجتمع العبودي الرأسمالي يخضع لنظام تديره أجهزة الدولة التي تحميه أيضاً من أعدائه في الداخل والخارج. ذلك لأن العبودية بكل أشكالها هي في جوهرها نظام اغتصاب لمصلحة قلة من الناس ضد سوادهم في الداخل والخارج. وفي الطور الرأسمالي الاحتكاري يأخذ النظام، بأجهزته وفي مقدمتها السوق الاحتكاري، دور موزع القيم المغتصبة والثروات المنهوبة. وهذا نظام لا يرضى به بداهة إلا قلة من الناس فتحتاج هذه القلة لفرضه على أكثرية الناس إلى أجهزة قمع مناسبة يكون الجيش في مقدمتها. فهذه المؤسسة بيد الرأسماليين تكون أداة عدوان داخلي وخارجي ولا يمكن أن تكون إلا بهذه الصورة. أما في العالم المتخلف التابع للرأسماليين فإن الجيوش تصبح أداة تمزيق هذا العالم بشن الحروب العبثية المدمرة فيما بين بعضها بعضاً كي لا تتحد جماهير هذا العالم ضد قاهريها الرأسماليين، كما تكون جيوش احتلال لبلدها لحساب هؤلاء الرأسماليين. لكل هذا وغيره كنت أرى أن حكومات البلاد المتخلفة التي تحاكي بشكلها الفضفاض حكومات أوروبا هي من المظاهر الخادعة، وإن كانت من علامات "التمدن" عند بعض مثقفينا محبي الأشكال الدارجة عند "الأسياد" المستعمرين. ولا يعني هذا تحبيذ النظم العشائرية المتخلفة فهي أيضاً واقعة بيد المستعمرين ومجندة في خدمتهم وهي امتداد لهم في بلدها. والمطلوب يختلف عن هذا أو ذاك وهو النظام الجماهيري الثوري المناسب حيث يكون الجيش دوماً امتداداً مسلحاً للجماهير المسلحة ومدرسة جهادية لها. ومثل هذا الشكل من تنظيم المجتمع في العالم الثالث يجب أن يجعل الانقلاب العسكري الصريح أو المبطن لصالح ديكتاتور ووثنية تكون وراءها المخابرات المركزية الأميركية صعباً إلى درجة الاستحالة. وقد ناقشت هذا الموضوع مع المرحوم جمال عبد الناصر عدداً من المرات قبل الوحدة وبعدها. وكنت أؤمن أن الصحيح لا يحتاج على العموم إلى قسر لإقامته وأن على كل قادر في كل دائرة من الدوائر الاجتماعية أن يسعى إلى رفع البغي عن الإنسان من أي مصدر وبأي شكل أتى هذا البغي وأن ميزان صحة الأمر هو غضب المستعمرين وعدم رضاهم وخاصة منهم الأميركان.

ورأيت بعد تجاربنا التي انتهت باستشهاد العقيد عدنان المالكي غيلة أن أفضل السعي هو العمل على تمديد الجبهة الوطنية إلى الجيش. ولا يعني هذا أنه كان هناك في الجيش أحزاب متنافرة تتربص بعضها ببعضها الآخر أو أن الأحزاب المختلفة في الساحة السورية كانت تمدد خصوماتها إلى الجيش كما حاول تصويره العدو المستعمر وأذنابه، إلا أنه من الطبيعي أن يكون في التجمعات الإنسانية، ومنها التجمعات العسكرية، ميول مختلفة وصداقات وقرابات مع مختلف الجهات السياسية. ثم إن عسكريي الجيش السوري قبل انخراطهم في سلك الجندية كانوا أولاداً وشباباً لهم انتماءاتهم الاجتماعية وهي انتماءات وطنية كلها مهما كان اتجاهها. ويغلب على العموم الاتجاه اليساري في العالم الثالث الذي منه سورية.

وساعدتني ظروفي وصداقاتي الممتدة إلى مختلف الفئات العسكرية وصلاتي الاجتماعية التي ما انقطعت أبداً بالناس من مختلف الاتجاهات والمشارب، في الأحوال العامة السائدة حينذاك في هذا البلد الطيب المجاهد، على إنجاز اتصالات مفيدة للغرض الذي كنت أرمي إليه. فكنت لا أتردد ولا أترك فرصة لعقد اجتماع أو توفير لقاء هنا وهناك في كل وقت ممكن للتبشير علناً بتكتيل العسكريين حول الأهداف القومية المعروفة جيداً من كل أبناء الوطن، الأهداف التي كانت تستغل من قبل الانتهازيين لركوب الموجة وإقامة الديكتاتوريات العسكرية المنتهية دوماً إلى خدمة الأغراض المعاكسة المفيدة للمستعمرين. وناديت بمقولة أساسية هي: إن للوطن حدين الواحد في مواجهة الأعداء المتربصين، والآخر الذي كثيراً ما نسهى عن رؤيته وهو الذي في مواجهة أطماع الانتهازيين المرتبطين بشكل من الأشكال بالمستعمرين لتسهيل أمورهم في أوطاننا عن طريق حكم ديكتاتوري سافر أو مبطن. وكنت أقول إن على الجيش أن يكون على الحدين لحماية الوطن وليس فقط على الحد الخارجي. كنت أنبه باستمرار إلى الخطر المتمثل بالاستعمار الجديد ومؤامراته التي ما كانت تتوقف علينا، فإذا سلم الجيش بتكتله ووحدته النفسية من التسلل الانتهازي ليُستغلَّ سلاحه من قبل انتهازي عسكري أو غير عسكري فإن بإمكانه بسهولة إحباط أي حركة تطيح بحرية الجماهير وتكمم الأفواه لصالح العدو الأميركي الأساسي الواقف متربصاً وراء الصهاينة يهوداً أو غير يهود. ثم إن الحد الداخلي الآنف الذكر، حد الحرية والقهر الديكتاتوري، هو الحد الأخطر لغموضه، أما الحد الآخر الخارجي فإنه واضح لا يخطئه أحد فيتكتل بلحظة واحدة كل الناس لمواجهته.

لقد كان إذن على العسكريين أن يحرسوا حرية الجماهير السورية لتتمكن الجبهة الوطنية في قطرنا من قيادة الثورة العربية المعاصرة بالاشتراك مع القيادات الثورية في الأقطار العربية الأخرى. ويجب الوصول، قبل كل أمر آخر، إلى بناء موحد للمقاومة الجماهيرية السورية المدنية والعسكرية وأن يكون لهذا البناء قيادة موحدة، فيستحيل في مثل هذا الوضع على الاستعمار العالمي النيل من حرية الشعب السوري بمؤامرة أو اغتيال أو ما شابه. كان علينا أن نحقق وحدة الجماهير المدنية والعسكرية لتقف هذه الجماهير صفاً واحداً في مواجهة العدو وأعوانه والإحاطة بكل بؤر التخريب والقضاء عليها قبل أن يمتد أذاها ويستفحل. وقد حظيت بدعم كبير لتحقيق هذه الأهداف من كل الجهات الوطنية وأخص بالذكر منها كتلة الضباط الفلسطينيين وتلاميذي وزملائي العسكريين وأصدقائي من رجال السياسة والنشاط الاجتماعي وكل أولئك الذين يشكلون كتل المجاهدين المجهولين الذين يستحيل إحصاؤهم وتعدادهم. وعليَّ أن أنبه إلى أن ما أسرده هنا لا يشكل سوى مجهود فردي تشرفت بإضافته إلى مساعي شعب عريق بالنضال. فأنا كنت في الواقع واحداً يسير في طريق عريض تملؤه جماهير شعبنا السوري. وما كنت أقترحه ما كان إلا من وحي إرادة هذه الجماهير وتعبيراً عنها. وما تم في الجيش أنجزه ضباط وصف ضباط وجنود كانوا في المدارس التي اشتهرت على الدوام بانتفاضاتها على ظلم المستعمر المحتل لأرض الوطن، ثم في ثوراتها على كل أشكال الوثنيات المدنية والعسكرية بعد جلاء الأجنبي المحتل. وهم الذين قاتلوا العدو الصهيوني وهزموه بشجاعتهم وتضحياتهم، على قلة وسائلهم، وإيمانهم بحقهم وكرههم للمستعمر وأتباعه وجنده. إلا أنه مع كل هذا وعلى الرغم مما توفر من أسس ومنطلقات مادية إيجابية لتتقدم قيادات الجبهة الوطنية في سورية لقيادة الثورة العربية الناشبة هنا وهناك في وطننا العربي من المحيط إلى الخليج إلا أنها ترددت وضاعت في الشكوك المتبادلة فيما بين بعضها بعضاً، بالإضافة إلى مساعي عملاء أميركا في الحركة الوطنية العربية الذين لم يوفروا جهداً في الدس فيما بينها وتأليب مختلف فئاتها بعضها على البعض الآخر. لذلك ما كان عملنا سهلاً وسهرنا الليالي طوال سنة ونصف كي نصل إلى شكل مقبول لجبهة وطنية مدنية عسكرية وقيادة عامة لها.

إن الانتهازية "وتهيؤات" بعض من تقدموا صفوف الحركة الوطنية العربية بحق وبغير حق، لا سيما في الحركة الوطنية المصرية أكبر وأشهر حركة في وطننا العربي، كان لها الأثر الحاسم في تضييق أفق رؤيا الكفاح العربي ضد القهر العالمي. فالاستعمار القديم الذي ما زالت له قواعد في أرض مصر  مثلاً في تلك الأيام كان الشغل الشاغل للثورة المصرية، وهذا أمر طبيعي لا عيب فيه ولا بد منه، ولكن الخطأ الفادح يكمن في التوهم، كما فعلت قيادة الثورة هناك، وكما دفعها إلى متاهات هذا الوهم أولئك "الستراتيجيون" الانتهازيون، بإمكان دفع الاستعمار الأميركي دون الوقوع في شباكه إلى مساعدة هذه الثورة للخلاص من الاستعمار القديم. فالاحتلال الأجنبي كان وسيلة للعلاقة العبودية التي هي الاستعمار القديم، فبرهن لنا الأميركان، ولكن على حسابنا، أن بالإمكان استمرار هذه العبودية بدون الاحتلال الأجنبي، بأولئك الانتهازيين الرجعيين من قومنا الذين استبدل بهم المستعمرون الأميركان جيوش احتلاله. وهذا يعني أن الثورة المعاصرة هي الخلاص من النظام العالمي وليس فقط من النظام المحلي الخائن ومن المحتل الأجنبي. ففي هذا العصر نجد العسكر الأميركان، عندما تعجز مخابراتهم المركزية عن تبديل الحكومة بحكومة موالية لاستعمارها في بلد من العالم الثالث، يذهبون إلى هذا البلد ويقبضون على رئيسه وينصبون غيره هناك ثم ينسحبون بملء إرادتهم، ذلك لأن عبودية نظامهم لا تتطلب حالياً بقاء عساكرهم في البلد المذكور لضمان بقائها.

إن الذي حرر العالم الثالث من مستعمريه القدماء هو ثوراته وتضحياته وليس الاستعمار الجديد الذي طلعت به أميركا على العالم في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ما كان بوسع الإنجليز مثلاً البقاء في مصر إلى ما لا نهاية أمام الثورة المصرية العارمة ضدهم. وما كان باستطاعة الأميركان مساعدتهم على البقاء فيما لو كنا "أغضبناهم" بطرد عملائهم من صفوفنا وبسد آذاننا عن سماع "نصائحهم". وقد يقول بعضهم إن ذلك كان يؤدي إلى إطالة المواجهة مع المستعمرين القدماء. ولكن العذاب الأطول كان في الاستكانة لهم وهم لن يزولوا إلا بمثل تلك المواجهة الطويلة الأمد. والبرهان على ما نقول هو ما نعانيه حالياً ولا ينقض هذا البرهان الحسي الدولارات التي قبضها ذلك "المبارك" هذا العام ليخرب، هو وشركاؤه الآخرون، المقاومة العربية في ظروف تكاثف الوافدين الصهاينة إلى أرضنا المقدسة.

الميثاق القومي

 

لملم اليمين شعثه لاستثمار غياب قيادة الجيش عن الساحة بعد اغتيال العقيد المالكي في معركة انتخاب رئيس الجمهورية. اما اليسار والجبهة الوطنية التي كانت حينذاك، على كل حال، قيد التشكيل فلم تبلغ بعد مرحلة النضج، فإنهما لم يأخذا هذا الأمر بالجدية التي يستحقها، كما فعل اليمين ومن وراءه، وبشكل خاص لم يفهماه على أنه صراع بين اتجاهين في المنطقة: اتجاه تمَكـُّن الاستعمار الأميركي وزيادة تغلغله في حياتنا وتدخله في شؤوننا الخاصة، واتجاه الاستقلال والثورة  لتحقيق أهدافنا القومية التي لا يمكن بأي صورة من  الصور أن تنسجم مع المخططات الاستعمارية الأميركية. ونجد هنا أن التحالفات قد انقلبت في هذه المعركة فوقف أنصار العراق وأنصار السعودية ومصر في صف يساندون ترشيح القوتلي للرئاسة بينما وقف البعثيون مع بقية التقدميين يناصرون ترشيح العظم: حزب الشعب والحزب الوطني والمستقلون ونواب العشائر للقوتلي، وبقي للعظم أغلب كتلته مع البعثيين ونائب الحزب الشيوعي خالد بكداش. وفي الثامن عشر من آب عام 1955 فاز القوتلي بالاقتراع الثاني فنال 91 صوتاً بينما نال العظم 41 صوتاً. وكان هناك خمس أوراق بيضاء وورقتان لاغيتان. وتحليل هذه النتيجة يعطينا التقدير التالي: خسر العظم عدداً من نواب كتلته لصالح القوتلي لا يقل عن سبعة أصوات: كتلة العظم 30 صوتاً والبعثيون 17 صوتاً والشيوعيون صوتاً واحداً فيكون المجموع 48 لا 41 صوتاً كما ظهر في الاقتراع.

ما كانت في الواقع قيادة الجيش حيادية عندما غابت عن الساحة في معركة الرئاسة. فهذا الغياب سمح لبعض العسكريين بالتدخل في تلك المعركة موهمين بعض الكتل النيابية بأن الجيش يؤيد القوتلي. وقد وضعت السعودية والثورة المصرية كل ثقلهما لكسب ما أمكن من الأصوات لصالح الأخير. وقد عبّر أحد النواب عن هذا الأمر في الاقتراع الأول بأن ألقى ورقة اقتراعه وعليها اسم سفير السعودية عبد العزيز بن زيد قاصداً بذلك السخرية من كل هذه العملية المدبرة بأموال السعودية. ورد عليه نائب آخر في الاقتراع الثاني، الذي تم فيه انتخاب القوتلي، بأن كتب على ورقة اقتراعه اسم نوري السعيد. ثم إن الثورة المصرية أرسلت إلى دمشق نقيباً سورياً كان يعمل في الملحقية العسكرية في القاهرة وذلك ليؤلب نواب العشائر ضد العظم ويدفعهم لإعطاء أصواتهم للقوتلي، على اعتبار أن هذا الضابط كان يعمل في قوات البادية السورية. وقد نقل إلي المرحوم فواز الشعلان الذي كانت تربطني به صداقة، أثناء ترؤسي المحكمة العسكرية في قضية المؤامرة الكبرى على سورية خبر حمله مبلغاً كبيراً من المال السعودي إلى هذا الضابط لقاء تأدية هذه الخدمة للقوتلي.

بدأ الرئيس القوتلي عهده بالدعوة إلى إقامة جبهة وطنية تضم جميع الفئات والأحزاب السورية. ففي الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس النواب في جلسة أدائه القسم الدستوري لتسنـّم الرئاسة في السادس من أيلول 1955 قال: "..وإني الآن، وقد طُـُويَتْ صفحة الانتخاب، لأود من صميم قلبي أن تتجه الأحزاب والهيئات نحو اتحاد قومي في هذه الأزمات الصعاب التي نواجهها نحن ويواجهها العالم العربي بأسره، فيشد بعضنا أزر بعض في العمل على إسعاد وطننا، ورفع مستوى شعبنا، وإدراك المثل العليا التي تستهوي أفئدتنا ونتطلع من خلالها إلى إنشاء مجتمع يسوده الحق والعدل والإخاء". وعرض القوتلي بعد ذلك خطاً يسير عليه طوال فترة رئاسته يقوم على خمسة مبادئ هي: التمسك بالدستور واحترام القانون، وصيانة النظام الجمهوري، وحماية استقلال الوطن، وتعزيز قدراتنا الدفاعية، والسعي لتحقيق الوحدة العربية. وفي الخامس عشر من شباط عام 1956 عاد الرئيس القوتلي وأكد  طلبه إلى نواب الأمة بإقامة جبهة وطنية بكتاب قال فيه: ".. لقد كانت الدعوة إلى اتحاد وطني وحكم قومي رائدي ودليلي منذ شرعت الاستشارات لتأليف أول حكومات هذا العهد، لقد حرصت أشد الحرص على أن تأتي نتائج المساعي والاتصالات منسجمة مع أماني هذا الشعب في أن تقوم على إدارة شؤونه وتأمين استقراره وتعزيز أسباب قوته ومنعته حكومة قومية على نطاق واسع تجتمع فيها كل العناصر التي تمثل مجلسكم أشمل تمثيل وتجتمع لها شتى أسباب القوة والمضاء وحسن التوفيق. ثم قامت على الحكم حكومة ائتلافية كانت أقرب الحلول إلى الأمنيات وقد منحها مجلسكم الكريم ثقته الغالية..". وكانت هذه الحكومة التي أشار إليها القوتلي وقال إنها تمثل كل الاتجاهات في المجلس هي حكومة سعيد الغزي المؤلفة على الوجه التالي: لرئاسة الوزراء والخارجية سعيد الغزي (مستقل)، للمالية عبد الوهاب حومد (حزب الشعب)، للاقتصاد رزق الله أنطاكي (حزب الشعب)، للدفاع رشاد برمدا (حزب الشعب)، للداخلية علي بوظو (حزب الشعب)، للأشغال العامة عبد الباقي نظام الدين (الكتلة الديموقراطية)، للصحة بدر الدين العبود (الكتلة الديموقراطية)، للزراعة مصطفى ميرزا (الكتلة الدستورية)، وزير دولة للإعلام محمد سليمان الأحمد (الكتلة الدستورية)، للأوقاف أسعد هارون (مستقل)، وزيرا دولة المستقلان عبد الحسيب رسلان وحسن الأطرش، للتربية الوطنية مأمون الكزبري (مستقل).

ونجد أن حزب البعث والحزب الشيوعي لم يشتركا في هذه الوزارة التي هي، على عكس ما أكده القوتلي، وزارة يمينية بكل أعضائها دون استثناء. كما أن خالد العظم لم يشترك فيها أيضاً. لقد كانت حكومة على مقاس السعودية وإن كان رئيسها وأعضاؤها ممن يُـشهد لهم بالوطنية والإخلاص، لأنه في كثير من الأحيان لا يكفي الإخلاص ولا الوطنية لأداء خدمة صحيحة للوطن إذ لا بد دوماً من "قناعة واعية" توجه الوطنية والإخلاص في أنسب طريق. ونجد في النتيجة أن سعي الرئيس القوتلي لتحقيق الوحدة الوطنية كان مسعىً مخلصاً من حيث المبدأ ولكنه يبقى، مع ذلك، محدوداً بعقلية صاحبه الأبوية الجامدة. لقد كان القوتلي سجين ماضيه فلم يتفتح على الزمن الذي أصبح فيه رئيساً للمرة الثالثة فركب في مركبات لاعبي هذا الزمن من عرب وأغراب، ولا أقول أنه كان ضعيف الشخصية أو قليل الفطنة، فالمسألة مسألة قديم وجديد.

وصدر عن الأحزاب والكتل النيابية بناءً على الكتاب الآنف الذكر للرئيس القوتلي ميثاقاً قومياً، ينص على ما يلي:

                    1.   في السياسة العربية والخارجية:

أولاً- مقاومة الاستعمار والصهيونية وإسرائيل وذلك بعدم الاعتراف باغتصاب فلسطين:

                     ‌أ-     بمقاومة الصلح مع إسرائيل. وإحكام مقاطعتها. ومقاومة مشاريعها التوسعية وكل سياسة تؤدي إلى ذلك.

                   ‌ب-   بمناهضة الأحلاف العسكرية الأجنبية وكل سياسة تتجه في هذا السبيل.

                   ‌ج-   بانتهاج سياسة الحياد الإيجابي بين المعسكرين الغربي والشرقي ودعم مقررات باندونغ.

ثانياً- تحرير البلاد العربية وتوحيدها وذلك:

      ‌أ-  بتوسيع الاتفاق الثنائي مع مصر بعقد اتفاقات بين الطرفين تشتمل على الشؤون الاقتصادية والسياسية والثقافية لتصبح هذه الاتفاقات نواة للوحدة العربية الشاملة بحيث تشمل مختلف النواحي التي يمكن توحيدها أو تنسيقها بين الطرفين.

      ‌ب-  بالسعي لتقوية ميثاق الجامعة العربية باتجاه سياسة الاستقلال والوحدة وتحقيق الوحدة الثقافية والاقتصادية بين جميع الأقطار العربية بوصفها عاملاً يساعد على تحريرها وتوحيدها.

              ‌ج-    بدعم الجيش العربي الأردني وتحريره من القيادة الأجنبية عن طريق تقديم المساعدة المالية له.

               ‌د-     بدعم نضال المغرب العربي في سبيل تحرير هذا الشطر الخطير من وطننا العربي تحريراً كاملاً وانضمامه إلى الوحدة العربية الشاملة.

ثالثاً- توطيد علاقات الأمة العربية مع الأمم الإسلامية بما لا يمس قضايانا القومية ومساعدة كل أمة إسلامية على التحرر.

رابعاً- انتهاج سياسة عربية خارجية استقلالية مستمدة من إيمان الشعب العربي بوحدته وحريته وسيادته ومتجهة نحو تدعيم علاقاتنا السياسية والدبلوماسية مع الدول التي تدعم قضايانا القومية.

خامساً- ممارسة سيادتنا الكاملة:

                    ‌أ-    في الدفاع عن أنفسنا وكياننا ووحدتنا بتسليحنا تسليحاً حراً.

        ‌ب-  في تصنيع بلادنا والتخلص من تخلفنا عن طريق المساعدات العسكرية والفنية والمالية والاقتصادية الأجنبية بدون التزامات سياسية وعن طريق المقايضة بين منتجاتنا الزراعية وبتجهيزنا الصناعي والدفاعي وتدعيم علاقاتنا التجارية مع البلدان التي نجد فيها دعماً لاستقلالنا الاقتصادي والمالي.

                    2.   في سياسة الدفاع:

تعبئة كامل قوى الأمة وإمكاناتها المادية والمعنوية في سبيل الدفاع عن كيانها القومي وذلك:

                    ‌أ-    بتنفيذ مشروع القرى الدفاعية في مناطق الحدود.

                  ‌ب-  بالإسراع بإنجاز مشروع مصفاة البترول وإنشاء مستودعات لتخزين المحروقات والمباشرة فوراً بجميع الوسائل الممكنة.

                   ‌ج-   باستكمال التسلح والتصنيع والتجهيز وإقامة المنشآت العسكرية للجيش.

        ‌د-  بتدريب الشعب على الدفاع المدني بحيث يستطيع أن ينظم نفسه في كل حي وقرية لأعمال الدفاع السلبي وما يتطلبه ذلك من إسعاف وأمن ونقل وتمريض وملاجئ ومستشفيات ومطاعم ومهاجع وألبسة وأجهزة وأعمال رفع الأنقاض وإطفاء الحريق.

                    ‌ه-    بتدريب الشبيبة على حمل السلاح وإعدادها إعداداً روحياً وجسمياً لمهمة الدفاع وبصورة خاصة بتشكيل الحرس الوطني.

        ‌و-  بتوجيه أفراد الجيش توجيهاً روحياً يعزز الإيمان بالله في نفوسهم وتثقيفهم ثقافة عسكرية وقومية بتخصيص إذاعات منظمة ومجلات ونشرات وحفلات ومهرجانات متنوعة.

        ‌ز-  بالسعي لوضع سياسة تسلح موحدة مع مصر وذلك بوحدة السلاح والتصنيع الحربي والتدريب باعتبار أن جيش سورية وجيش مصر يؤلفان نواة الجيش الموحد للدفاع عن الوطن العربي.

                   ‌ح-   بالأخذ بمبدأ فرض الخدمة المدنية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه.

                    3.   في السياسة الداخلية:

أولاً- في الناحية المالية:

               ‌أ-     فرض ضريبة استثنائية فوراً لمرة واحدة لسد حاجات الدفاع.

              ‌ب-    إعادة النظر في نظام الضرائب بحيث يبنى على أسس حديثة عادلة.

              ‌ج-    إعادة النظر في أسس ميزانية الدولة لوضعها على قواعد سليمة.

ثانياً- في الناحية الاقتصادية:

                    ‌أ-    اتباع سياسة تقنين وتدبير تقوم على أساس الحد أو المنع من استيراد المواد الاستهلاكية والكمالية والمنتجات الحيوانية والزراعية والصناعية.

        ‌ب-  اتباع سياسة اقتصادية موجهة تهدف إلى تنشيط استثمار رأس المال القومي في المشاريع الإنتاجية وفي الصناعات التي تحررنا من أن نعيش عالة على البلاد الأجنبية والتي توفر العمل لليد العاملة في البلاد وترفع مستواها الاجتماعي والمعاشي كما تهدف إلى المقايضة بين منتجاتنا وإنشاء المصانع ليتم الاستقلال الاقتصادي والسياسي بجعل مجلس الإنماء الاقتصادي معدّاً للمهمة التي أُنشئ من أجلها.

                   ‌ج-   سن تشريع لمنع الاحتكار ومكافحة الإثراء غير المشروع.

ثالثاً- الناحية الاجتماعية:

                    ‌أ-    مكافحة الإلحاد والميوعة والانحلال الخلقي.

        ‌ب-  تحقيق العدالة الاجتماعية بتنفيذ الضمان الاجتماعي وبسن تشريع يحمي حقوق العمال والفلاحين وفق نصوص الدستور وبصورة خاصة فيما يتعلق بالهجرة والتسريح التعسفي.

        ‌ج-  توزيع أراضي أملاك الدولة على الفلاحين غير المالكين وخريجي المدارس الزراعية وأفراد العشائر والمواطنين العاطلين عن العمل مع إيجاد تعاونيات تضمن لهم توفير الآلات والبذار والقروض وأدوية المكافحة وبيع المحاصيل وتشكيل مجلس خاص يسمى مجلس الإنتاج الزراعي لتنفيذ هذه الأغراض.

        ‌د-  وضع تشريع لحفظ كرامة الصحافة ورفع مستواها المادي والمعنوي وتطبيق الرقابة المالية على مواردها وصيانة المجتمع والأفراد من جرائم المطبوعات.

                    ‌ه-    مكافحة شبكات التجسس والدعايات والنشرات.

                   ‌و-   سن قانون لتحديد الأعمال التي لا يجوز الجمع بينها وبين النيابة تنفيذاً للمادة 48 من الدستور.

رابعاً- جهاز الإدارة:

الخروج بهذا الجهاز من فساده بإنشاء ديوان للموظفين تحدد اختصاصاته وصلاحياته بقانون.

4. التعاون الحزبي والسياسي:

تحقيقاً للتعاون الحزبي والسياسي في البلاد تشكل لجنة تمثل الأحزاب والكتل النيابية لتوثيق التعاون فيما بينها والإشراف على تنفيذ هذا الميثاق القومي.

وإننا نحن ممثلي الأحزاب والكتل النيابية إذ تم اتفاقنا على هذا الميثاق القومي نضرع إلى الله أن يسدد خطانا ويلهمنا من أمرنا رشداً.

إلا أنه لم يلتزم بهذا الميثاق سوى الجبهة الوطنية التقدمية كما سيأتي معنا فيما يلي من هذه الدراسة.